فأما الإمام النووي فقد قال عقب الروايات الثلاث المتقدم ذكرها: "ويمكن أن يجمع بينهما بأنهم كانوا أربعمائة وكسر فمن قال: أربعمائة لم يعتبر الكسر ومن قال خمسمائة اعتبره، ومن قال ألف وثلاثمائة ترك بعضهم لكونه لم يتقن العد أو لغير ذلك"أ. هـ1.
وأما الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فإنه ذكر كلام النووي وزاد عليه حيث قال: بعد ذكره للروايات الثلاث السابقة: "والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة فمن قال ألفاً وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال ألفاً وأربعمائة ألغاه ويؤيده قوله في الرواية الثالثة من حديث البراء: ألف وأربعمائة أو أكثر، أما قول عبد الله بن أبي أوفى: ألف وثلاثمائة، فيمكن حمله على ما اطلع عليه هو، واطلع غيره على زيادة ناس لم يطلع هو عليهم، والزيادة من الثقة مقبولة أو العدد الذي ذكره جملة من ابتدأ الخروج من المدينة والزائد تلاحقوا بهم بعد ذلك أو العدد الذي ذكره عدد المقاتلة والزيادة عليه من الأتباع من الخدم والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا الحلم"أ. هـ2.
والذي يظهر والله أعلم أن طريقة الجمع بين النصوص أولى من ترجيح بعضها على بعض لأن الروايات كلها صحيحة في العدد المذكور وينبغي الأخذ بما قاله الحافظ ابن حجر لأن توجيهه للنصوص ممكن وظاهر.
وأصحاب الحديبة الذين هم أهل بيعة الرضوان ورد في فضلهم نصوص محكمة كثيرة من الآيات القرآن والأحاديث النبوية ومنها ما يلي:
1- قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ3 فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا
1ـ شرح النووي على صحيح مسلم 13/2.
2ـ فتح الباري 7/440.
3ـ قال ابن جرير بعد أن ذكر عدة أقوال في معنى السكينة: "وأولى هذه الأقوال بالصواب بالحق في معنى السكينة ما قاله عطاء بن أبي رباح: ما تسكن إليه النفوس من الآيات التي تعرفونها وذلك أن السكينة في كلام العرب الفعلية من قول القائل سكن فلان إلى كذا وكذا إذا اطمأن إليه وهدأت