2- وقال تعالى: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً} 1.
هذه الآية فيها وعيد من الله تعالى لأهل بيعة الرضوان خصوصاً ولجميع المؤمنين والمؤمنات عموماً بدخول جنات تجري من تحتها الأنهار وأنهم يخلدون فيها لا يحولون ولا يزولون عنها وأنه تعالى يكفر عنهم سيئاتهم بمعنى أنه يغطيها ولا يظهرها وختم تعالى الآية ببيان أن إدخالهم الجنة وتكفير سيئاتهم فوز عظيم لا يقادر قدره لأنه منتهى غاية ما يتطلع إليه المؤمنون الصادقون الذين في مقدمتهم أولئك الصفوة أصحاب بيعة الرضوان.
روى البخار بإسناده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} قال: الحديبية قال أصحابه: هنيئاً مريئاً فما لنا فأنزل الله: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} 2.
وعند الترمذي وأحمد من حديث أنس رضي الله عنه قال نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} مرجعه من الحديبية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد نزلت علي آية أحب إليّ مما على الأرض" ثم قرأها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم فقالوا: هنيئاً مريئاً يا نبي الله قد بين الله لك ماذا يفعل بك فماذا يفعل بنا فنزلت عليه: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} حتى بلغ {فَوْزاً عَظِيماً} قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وفيه عن مجمع3 بن جارية4.
1ـ سورة الفتح آية/5.
2ـ صحيح البخاري 3/44.
3ـ مجمع بن جارية بن عامر الأنصاري الأوسي المدني صحابي مات في خلافة معاوية التقريب 2/230، الإصابة 3/346.
4ـ سنن الترمذي 5/61-62، المسند 3/122.