فهذا الحديث بين الفضيلة التي تضمنتها الآية التي سيقت قبله لأصحابه بيعة الرضوان.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى بعد قوله تعالى: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} أي: ماكثين فيها أبدا {وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي: خطاياهم وذنوبهم فلا يعاقبهم عليها بل يعفو ويصفح ويغفر ويستر ويرحم ويشكر {وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً} كقوله ـ جل وعلا ـ {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} 1 الآية أ. هـ2.
فأي فوز وأي فلاح أعظم من تكفير الذنوب والخطايا ودخول الجنة ورؤية الله ـ عز وجل ـ فيها إنه لمن أعظم التكريم ومن أعلا النعيم الذي فاز به أهل بيعة الرضوان.
3- قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} 3.
وهذه الآية فيها ثناء ومدح عظيم لأهل بيعة الرضوان فقد جعل الله مبايعتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم مبايعة له وفي هذا غاية التشريف والتكريم لهم رضي الله عنهم.
وهذه الآية نظير قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} 4 فمبايعتهم للرسول صلى الله عليه وسلم مبايعة لله ـ جل وعلا ـ.
قال العلامة ابن القيم: "وتأمل قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} فلما كانوا يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيديهم ويضرب بيده
1ـ تفسير القرآن العظيم 6/330.
2ـ المصدر نفسه 6/330.
3ـ سورة الفتح آية/10.
4ـ سورة النساء آية/80.