يعلموا بمكانهما فجزع من ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن لأن الله معنا، والله ناصرنا فلن يعلم المشركون بنا ولن يصلوا إلينا"أ. هـ1.
وقال الحافظ ابن كثير: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} أي: عام الهجرة لما هم المشركون بقتله، أو حبسه، أو نفيه فخرج منهم هارباً صحبة صديقه وصاحبه أبي بكر بن أبي قحافة فلجأ إلى غار ثور ثلاثة أيام ليرجع الطلب الذين خرجوا في آثارهم ثم يسيروا نحو المدينة فجعل أبو بكر رضي الله عنه يجزع أن يطلع عليهم أحد فيخلص إلى الرسول عليه الصلاة والسلام منهم أذى فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسكنه ويثبته ويقول: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما" 2 ... ولهذا قال تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} أي: تأييده ونصره عليه أي: على الرسول صلى الله عليه وسلم في أشهر القولين وقيل: على أبي بكر وروي عن ابن عباس وغيره قالوا: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تزل معه السكينة وهذا لا ينافي تجدد السكينة خاصة بتلك الحال"أ. هـ3.
وقال أبو بكر بن العربي: بعد قوله صلى الله عليه وسلم: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" وهذه مرتبة عظمى وفضيلة شماء لم يكن لبشر أن يخبر عن الله ـ سبحانه ـ أنه ثالث اثنين أحدهما أبو بكر، كما أنه قال: مخبراً عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} أ. هـ4.
فالآية دلت دلالة واضحة على فضل أبي بكر رضي الله عنه حيث جعله الله ثاني النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} وما ذلك إلا لأن الصديق بلغ النهاية في الفضل رضي الله عنه وأرضاه.
1ـ جامع البيان 10/136، وانظر تفسير البغوي على حاشية الخازن 3/81.
2ـ صحيح البخاري 2/288، صحيح مسلم 4/1854.
3ـ تفسير ابن كثير 3/402، وانظر تفسير البغوي على الخازن 3/81-82.
4ـ أحكام القرآن لابن العربي 2/951.