قائله إلى المجازفة والخوض في الأمور المغيبة بغير علم إلى غير ذلك مع أن الذي نقل عن الصحابة المذكورين إنما أتوا فيه بقضية شرطية1.
ولما مات إبراهيم رضي الله عنه حزن عليه النبي صلى الله عليه وسلم حزناً عظيماً حتى ذرفت عيناه عليه الصلاة والسلام بالدمع عليه فقد روى الإمام مسلم بإسناده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم" ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين يقال له: أبو سيف فانطلق يأتيه واتبعته فانتهينا إلى أبي سيف وهو ينفخ بكيره قد امتلأ البيت دخاناً فأسرعت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا أبا سيف أمسك جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي فضمه إليه وقال ما شاء الله أن يقول: فقال أنس: لقد رأيته وهو يكيد بنفسه2 بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا والله يا إبراهيم إنا بك لمحزنون" 3.
والذي أخلص إليه مما تقدم في الأحاديث أنها اشتملت على بيان فضل إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وبيان مكانته عند المصطفى عليه الصلاة والسلام، كما دلت على أنه جليل القدر رفيع المنزلة.
1ـ فتح الباري 10/579.
2ـ أي: يجود بها. ومعناه: وهو في النزع.
3ـ صحيح مسلم 4/1807-18508.