وأما لعن الفاسق المعين ففيه قولان: أحدهما: أنه جائز. اختاره ابن الجوزي وغيره. والثاني: لا يجوز. اختاره أبو بكر عبد العزيز وشيخ الإسلام.
قوله: "وعن طارق بن شهاب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئا. قالوا لأحدهما: قرب. قال: ليس عندي شي أقرب. قالوا: قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا. فخلوا سبيله، فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب، قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل فضربوا عنقه، فدخل الجنة " رواه أحمد" [1].
قال ابن القيم - رحمه الله -: قال الإمام أحمد رحمه الله[2] حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب يرفعه قال: " دخل رجل الجنة في ذباب " -الحديث.
وطارق بن شهاب: هو البجلي الأحمس، أبو عبد الله. رأى النبي صلي الله عليه وسلم وهو رجل. قال البغوي: نزل الكوفة. وقال أبو داود: رأى النبي صلي الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا. قال الحافظ: إذا ثبت أنه لقي النبي صلي الله عليه وسلم فهو صحابي، وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي وهو مقبول على الراجح; وكانت وفاته - على ما جزم به ابن حبان - سنة ثلاث وثمانين.
قوله: " دخل الجنة رجل في ذباب " أي من أجله.
قوله: "قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ " كأنهم تقالوا ذلك، وتعجبوا منه. فبين
لهم [1] صحيح موقوفا: رواه أحمد في الزهد (15 , 16) , وأبو نعيم في الحلية (1/203) عن طارق بن شهاب عن سلمان الفارسي موقوفا بسند صحيح أفاده الدوسري في النهج السديد. [2] الحديث في كتاب الزهد ص15 س18، وفي الحلية ج1 ص203 موقوفا فيهما كليهما على سليمان في الزهد وعلى سلمان في الحلية. وهو خطأ في الحلية؛ لأن الحافظ ابن حجر قال في تعجيل المنفعة: ((سليمان بن ميسرة الأحمسي عن طارق بن شهاب، وعنه الأعمش وحبيب بن أبي ثابت, وثقه ابن معين. وقال ابن حبان في ثقات التابعين: روى عن طارق بن شهاب وله صحبة، وقال ابن خلفون في الثقات: وثقه العجلي ويحيى والنسائي)) . اهـ.