وأما صفة تبارك فمختصة به، كما أطلقه على نفسه في قوله: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [1]. {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [2]. أفلا تراها كيف اطردت في القرآن جارية عليه مختصة به، لا تطلق على غيره، وجاءت على بناء السعة والمبالغة، كتعالى وتعاظم ونحوه، فجاء بناء "تبارك" على بناء "تعالى" الذي هو دال على كمال العلو ونهايته، فكذلك تبارك دال على كمال بركته ووعظمته ووسعتها. وهذا معنى قول من قال من السلف: "تبارك" تعاظم. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: " جاء بكل بركة". [1] سورة الأعراف آية: 54. [2] سورة الملك آية: [1].
باب " ما جاء في السحر"
وقول الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [1].
قوله: "باب ما جاء في السحر" أي والكهانة.
السحر في اللغة: عبارة عما خفي ولطُف سببه، ولهذا جاء الحديث: 2 " إن من البيان لسحرا " [3]. وسمي السحر سحرا؛ لأنه يقع خفيا آخر الليل. قال أبو محمد المقدسي في الكافي: "" السحر عزائم ورُقى وعقد يؤثر في القلوب والأبدان، فيمرض ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه". قال الله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [4]. وقال سبحانه: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [5]. يعني السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن وينفثن في عقدهن. ولولا أن للسحر حقيقة لم يأمر الله بالاستعاذة منه.
وعن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي صلي الله عليه وسلم سُحر حتى إنه ليخيل إليه [1] سورة البقرة آية: 102. [2] جزء من حديث. أخرجه البخاري: كتاب النكاح (5146) : باب الخطبة. من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. وأخرجه مسلم: كتاب الجمعة (869) (47) : باب تخفيف الصلاة والخطبة. [3] رواه مالك وأحمد والبخاري وأبو داود والترمذي عن ابن عمر. [4] سورة البقرة آية: 102. [5] سورة الفلق آية: 4.