وهو يصلي، فنفى عن نفسه إبهام العبادة، وهذا يدل على فضل السلف وحرصهم على الإخلاص وبعدهم عن الرياء والتزين بما ليس فيهم.
قوله: "ولكني لدغت" بضم أوله وكسر ثانيه. قال أهل اللغة: يقال لدغته العقرب وذوات السموم، إذا أصابته بسمها، وذلك بأن تأبره بشوكتها.
قوله: "قلت: ارتقيت" لفظ مسلم: "استرقيت" أي طلبت من يرقيني.
قوله: "فما حملك على ذلك" فيه طلب الحجة على صحة المذهب.
قلت: حديث حدثناه الشعبي، قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: " لا رقية إلا من عين أو حمة " قال: قد أحسن من انتهى إلى ما
قوله: "حديث حدثناه الشعبي" اسمه: عامر بن شراحيل الهمداني، ولد في خلافة عمر، وهو من ثقات التابعين وفقهائهم[1] مات سنة ثلاث ومائة.
قوله: "عن بريدة" بضم أوله وفتح ثانيه تصغير بردة. ابن الحصيب - بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين - ابن الحارث الأسلمي، صحابي شهير. مات سنة ثلاث وستين. قاله ابن سعد.
قوله: " لا رقية إلا من عين أو حمة ". وقد رواه أحمد وابن ماجه عنه مرفوعا. ورواه أحمد وأبو داود والترمذي عن عمران بن حصين به مرفوعا. قال الهيثمي: "رجال أحمد ثقات" [2].
والعين: هي إصابة العائن غيره بعينه. والحمة - بضم المهملة وتخفيف الميم - سم العقرب وشبهها.
قال الخطابي: ومعنى الحديث: لا رقية أشفى وأولى من رقية العين والحمة، وقد رقى النبي صلي الله عليه وسلم ورقي.
قوله: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع" أي من أخذ بما بلغه من العلم وعمل به فقد أحسن بخلاف من يعمل بجهل، أولا يعمل بما يعلم؛ فإنه مسيء آثم. وفيه فضيلة علم السلف وحسن أدبهم [3]. [1] روى عن عمر وعلي وابن مسعود ولم يسمع منهم. وعن أبي هريرة وعائشة وجرير وابن عباس وخلق. قال الشعبي: ما كتبت سوداء في بيضاء. يعني أنه كان معتنيا بالحفظ. [2] صحيح: أحمد (4/436) . وأبو داود: كتاب الطب (3384) : باب في تعليق التمائم: والترمذي: كتاب الطب (2057) : باب ما جاء في الرخصة في الرقية عن عمران بن حصين وإسناده صحيح كما قال الأرناؤوط في تخريج شرح السنة (12/162) . وصححه الألباني في صحيح الجامع (7373) وتخريج المشكاة (4557) ورواه مسلم (220) (374) عن بريدة موقوفا. وهو عند ابن ماجة عنه (3513) مرفوعا وفي إسناده أبو جعفر الرازي "سيئ". [3] في قرة العيون: فيه حسن الأدب مع العلم وأهله، وأن من فعل شيئا سئل عن مستنده في فعله هل كان مقتديا أم لا؟ ومن لم يكن معه حجة شرعية فلا عذر له بما فعله, ولهذا ذكر ابن عبد البر الإجماع على أن المقلد ليس من أهل العلم. فتفطن لهذا.