قوله: "ولكن حدثنا ابن عباس" هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلي الله عليه وسلم. دعا له فقال: " اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل " [1] فكان كذلك. مات بالطائف سنة ثمان وستين.
قال المصنف - رحمه الله - "وفيه عمق علم السلف لقوله: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع" ولكن كذا وكذا. فعلم أن الحديث الأول لا يخالف الثاني".
قوله: "عرضت علي الأمم" وفي الترمذي والنسائي من رواية عبثر بن القاسم عن حصين بن عبد الرحمن "أن ذلك كان ليلة الإسراء" [2]. قال الحافظ: فإن كان ذلك محفوظا كان فيه قوة لمن ذهب إلى تعدد الإسراء، وأنه وقع بالمدينة أيضا. "قلت" وفي هذا نظر [3].
النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد. إذ رفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه،
قوله: "فرأيت النبي ومعه الرهط" والذي في صحيح مسلم "الرهيط" بالتصغير لا غير; وهم الجماعة دون العشرة. قاله النووي.
قوله: "والنبي ومعه الرجل والرجلان; والنبي وليس معه أحد" فيه الردعلى من احتج بالكثرة [4]. [1] رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه. [2] صحيح: الترمذي: كتاب صفة القيامة (2446) : باب (16) وقال الترمذي: حسن صحيح والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (4/410) . [3] في قرة العيون: فالله أعلم متى عرضت, وعرضها أن الله تبارك وتعالى أراه مثالها إذا جاءت الأنبياء ومن تبعهم. فمن نجا بالإيمان بالله وما بعث به أنبياءه ورسله من دينه الذي شرعه لهم، وهو عبادته وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه, والأخذ بما أمرهم به وترك ما نهاهم عنه كما قال تعالى عن قوم نوح: 71: 2 (قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون) فعبادته وتوحيده وطاعته بامتثال ما أمرهم به, وترك ما نهاهم عنه, وطاعة رسوله. هذا هو الدين, أن لا يعبد إلا الله, وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، فعلا وتركا, وأن يقدم طاعة رسوله على ما يحبه ويهواه. [4] في قرة العيون: أي يبعث في قومه فلا يتبعه منهم أحد كما قال تعالى: 15: 10 (ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون) وفيه دليل على أن الناجي من الأمم هم القليل، والأكثرون غلبت عليهم الطبائع البشرية فعصوا الرسل فهلكوا; كما قال تعالى: 6: 16 (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) وقال: 101: 7 (وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين) وقال: 42: 30 (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين) وأمثال هذه الآيات في القرآن كثير. والناجون- وإن كانوا أقل القليل- فهم السواد الأعظم؛ فإنهم الأعظمون قدرا عند الله وإن قلوا. فليحذر المسلم أن يغتر بالكثرة وقد اغتر بهم كثيرون حتى بعض من يدعي العلم، اعتقدوا في دينهم ما يعتقده الجهال الضلال ولم يلتفتوا إلى ما قاله الله ورسوله.