قوله: "إذ رفع لي سواد عظيم" المراد هنا الشخص الذي يرى من بعيد.
قوله: "فظننت أنهم أمتي"؛ لأن الأشخاص التي ترى في الأفق لا يدرك منها إلا الصورة. وفي صحيح مسلم: "ولكن انظر إلى الأفق" ولم يذكره المصنف; فلعله سقط في الأصل الذي نقل الحديث منه. والله أعلم.
قوله: "فقيل له: هذا موسى وقومه" أي موسى بن عمران كليم الرحمن، وقومه: اتباعه على دينه من بني إسرائيل[1].
فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون [1] في قرة العيون: فيه فضيلة اتباع موسى من بني إسرائيل ممن آمن منهم بالرسل. والكتب التي أنزلها الله: التوراة, والإنجيل، والزبور، والفرقان وغيرها. وكانت بنو إسرائيل قبل التفرق كثيرين وفيهم الأنبياء, ثم بعد ذلك حدث ما حدث من اليهود, وهذا الحديث يدل على أن التابع لموسى - عليه السلام - كثيرون جدا, وقد قال تعالى: 45: 16 (وفضلناهم على العالمين) , أي في زمانهم. وذلك أن في زمانهم وقبله ممن كفر بالله خلقا لا يحصون، كحزب جالوت وبختنصر وأمثالهم. ففضل الله بني إسرائيل بالإيمان فصاروا أفضل أهل زمانهم، وحدث فيهم ما ذكر الله في سورة البقرة وغيرها من معصيتهم لأنبيائهم واختلافهم في دينهم, وقد ذكره الله تعالى محتجا به على اليهود الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، فتدبر ما ذكره الله تعالى من أحوالهم بعد الاختلاف.