باب" الدعاء إلى شهادة لا إله إلا الله "
وقول الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [1].
قوله: "باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله"
لما ذكر المصنف - رحمه الله - التوحيد وفضله، وما يوجب الخوف من ضده. نبه بهذه الترجمة على أنه لا ينبغي لمن عرف ذلك أن يقتصر على نفسه، بل يجب عليه أن يدعو إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، كما هو سبيل المرسلين وأتباعهم. كما قال الحسن البصري لما تلا قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [2] فقال: "هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين. هذا خليفة الله" [3].
قال - رحمه الله -: وقوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [4].
قال أبو جعفر ابن جرير: "يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم " قل " يا محمد " هذه " الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها، من الدعاء إلى توحيد الله، وإخلاص [1] سورة يوسف آية: 108. [2] سورة فصلت آية: 33. [3] ذكره العماد ابن كثير في تفسير الآية (33) من سورة فصلت عن عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري - رحمه الله -. ويعني الحسن بذلك: أن الصدق في حب الله وعبادته وطاعته يستلزم ولا بد الدعوة إلى ذلك والجهاد فيه. لأن من أحب الله أحب كل ما أحبه الله وكل من أحب الله، وكره كل ما كره ومن كره، وأحب أن يكون الناس كلهم معه في حب الله. [4] سورة يوسف آية: 108.