responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 376
- تَعَالَى -: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] تَشْمَلُ الْكَبَائِرَ، وَالصَّغَائِرَ، فَكَمَا أَنَّ الصَّغَائِرَ تُكَفَّرُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا نِيَّةٍ، فَكَذَلِكَ الْكَبَائِرُ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لِذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُتَّقِينَ بِالْمَغْفِرَةِ وَتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَدْ صَارَ مِثْلُ هَذَا مِنَ الْمُتَّقِينَ، فَإِنَّهُ فَعَلَ الْفَرَائِضَ وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ، وَاجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَقَصْدٍ، فَهَذَا الْقَوْلُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْجُمْلَةِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ إِنَّ الْكَبَائِرَ لَا تُكَفِّرُ بِدُونِ التَّوْبَةِ ; لِأَنَّهَا فَرْضٌ لَازِمٌ عَلَى الْعِبَادِ، وَأَمَّا النُّصُوصُ الْمُتَضَمِّنَةُ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ وَتَكْفِيرَ السَّيِّئَاتِ لِلْمُتَّقِينَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يُبَيِّنْ فِي الْآيَاتِ خِصَالَ التَّقْوَى وَلَا الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَإِنَّ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ التَّوْبَةَ النَّصُوحَ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَتُبْ فَهُوَ ظَالِمٌ غَيْرُ مُتَّقٍ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْكَبَائِرَ لَا تُكَفَّرُ بِدُونِ التَّوْبَةِ مِنْهَا أَوِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا - حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْمَارُّ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " «فَمَنْ وَفَى فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» "، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ " «مَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ» " قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: قَوْلُهُ " «فَعُوقِبَ بِهِ» " يَعُمُّ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةَ، وَهِيَ الْحُدُودُ الْمُقَدَّرَةُ أَوْ غَيْرُ الْمُقَدَّرَةِ كَالتَّعْزِيرَاتِ، وَيَشْمَلُ الْعُقُوبَاتِ الْقَدَرِيَّةَ كَالْمَصَائِبِ وَالْأَسْقَامِ وَالْآلَامِ، فَإِنَّهُ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «لَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ نَصَبٌ وَلَا هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» " وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْحَدُّ كَفَّارَةٌ لِمَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافًا بَيْنَ النَّاسِ وَرَجَّحَ أَنَّ إِقَامَةَ الْحَدِّ بِمُجَرَّدِهِ كَفَّارَةٌ، وَوَهَّنَ الْقَوْلَ بِخِلَافِ ذَلِكَ جِدًّا.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ: أَنَّ إِقَامَةَ الْحَدِّ لَيْسَ بِكَفَّارَةٍ، وَلَا بُدَّ مَعَهُ مِنَ التَّوْبَةِ، وَرَجَّحَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، مِنْهُمُ الْبَغْوِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي تَفْسِيرَيْهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 376
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست