responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 377
الْمَرْفُوعُ " «لَا أَدْرِي الْحُدُودُ طَهَارَةٌ لِأَهْلِهَا أَمْ لَا» ؟ " فَقَدْ خَرَّجَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَعَلَّلَهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ: لَا يَثْبُتُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ مَرَاسِيلِ الزُّهْرِيِّ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ، وَغَلِطَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَوَصَلَهُ. وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْحَدَّ كَفَّارَةٌ.
وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَالَ: «أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَتَرَكَهُ حَتَّى صَلَّى ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ حَدَّكَ» " فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْكَبَائِرِ ; لِأَنَّ حُدُودَ اللَّهِ مَحَارِمُهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: 1] فَكُلُّ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَقَدْ أَصَابَ حُدُودَهُ وَارْتَكَبَهَا وَتَعَدَّاهَا، وَعَلَى فَرْضِ كَوْنِهِ كَبِيرَةً فَهَذَا الرَّجُلُ جَاءَ نَادِمًا تَائِبًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ إِلَى إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَالنَّدَمُ تَوْبَةٌ، وَالتَّوْبَةُ تُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ.
ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَالْأَظْهَرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، يَعْنِي مَسْأَلَةَ تَكْفِيرِ الْكَبَائِرِ بِالْأَعْمَالِ - أَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ أَنَّ الْكَبَائِرَ تُمْحَى بِمُجَرَّدِ الْإِتْيَانِ بِالْفَرَائِضِ، وَتَقَعُ مُكَفَّرَةً بِذَلِكَ كَالصَّغَائِرِ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ؛ فَهَذَا بَاطِلٌ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ قَدْ يُوَازَنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ الْكَبَائِرِ وَبَيْنَ بَعْضِ الْأَعْمَالِ فَتُمْحَى الْكَبِيرَةُ بِمَا يُقَابِلُهَا مِنَ الْعَمَلِ وَيَسْقُطُ الْعَمَلُ فَلَا يَبْقَى لَهُ ثَوَابٌ، فَهَذَا قَدْ يَقَعُ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّهُ ضَرَبَ عَبْدًا لَهُ، فَأَعْتَقَهُ وَقَالَ: لَيْسَ لِي فِيهِ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ هَذَا - وَأَخَذَ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ - إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ فَإِنَّ كَفَّارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ» " فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ عِتْقَهُ كَفَّارَةٌ لِذَنْبِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَنْبُهُ مِنَ الْكَبَائِرِ، فَكَيْفَ بِمَا كَانَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْمُنَافِيَةِ لَهَا؛ كَمَا يُبْطِلُ الْمَنُّ الصَّدَقَةَ، وَتُبْطِلُ الْمُعَامَلَةُ بِالرِّبَا ثَوَابَ الْجِهَادِ، كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِأُمِّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: إِنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا أَنْ يَتُوبَ. وَقَالَ حُذَيْفَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ يَهْدِمُ عَمَلَ مِائَةِ سَنَةٍ. وَرُوِيَ عَنْهُ مَرْفُوعًا، أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ. وَكَمَا يُبْطِلُ تَرْكُ صَلَاةِ الْعَصْرِ الْعَمَلَ، فَلَا يُسْتَنْكَرُ أَنْ يُبْطِلَ ثَوَابَ الْعَمَلِ الَّذِي يُكَفَّرُ - الْكَبَائِرُ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «يُؤْتَى بِحَسَنَاتِ الْعَبْدِ وَسَيِّئَاتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَصُّ - أَوْ يُقْضَى - بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، فَإِنْ بَقِيَتْ لَهُ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 377
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست