عن الحق والصواب ـ بأن البارئ سبحانه ـ قد فرق بين رحمته ورضوانه وثوابه المنفصل فقال: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ} 1.
فالرحمة والرضوان صفته، والجنة ثوابه وهذا يبطل قول من جعل الرحمة والرضوان ثواباً منفصلاً مخلوقاً، وقول من قال: هي إرادته الإحسان فإن إرادته الإحسان من لوازم رحمته فإنه يلزم من الرحمة أن يريد الإحسان وكذلك لفظ اللعنة والغضب، والمقت هي أمور مستلزمة للعقوبة فإذا انتفت حقائق تلك الصفات انتفى لازمها فإن ثبوت لازم الحقيقة مع انتفائها ممتنع، فالحقيقة لا توجد منفكة عن لوازمها2.
والذي نخلص إليه مما تقدم أن صفتي الرحمة، والمغفرة ثابتتان ـ للباري سبحانه ـ على ما يليق به، والذين نفوهما أو أولوهما بغير المراد منهما ليس معهم ما يؤيدهم على دعواهم أي دليل لا من الكتاب ولا من السنة، ولا من العقل، أو الفطرة، أو اللغة وإنما الذي حملهم على مزاعمهم الباطلة، إنما هو قياسهم الخالق على المخلوق واتباع الهوى الذي جرهم إلى النفي والتعطيل وتحريف الكلم عن مواضعه نعوذ بالله من شر ذلك.
1- سورة التوبة، آية: 21.
2- انظر مختصر الصواعق المرسلة 2/121.