وذكر أن من هؤلاء الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى وسفيان الثوري وداود بن علي الأصفهاني1.
"وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله وقد أمرنا باقتفاء آثارهم والإهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات وأخبرنا أنها من الضلالات"2.
ومن خلال هذه الأقوال المتقدمة نعرف أن مذهب السلف إثبات يدين حقيقيتين من غير تكييف ولا تحريف، ولا تأويل ولا تعطيل، ولا يزيلون ألفاظ الشارع عما تعرفه العرب وتضعه عليه بالتأويل الباطل بل يجرون اللفظ على ظاهره، ويكلون كيفيته وكنهه إلى الله ـ تعالى ـ ويقولون: ذلك في جميع الصفات التي جاء بها القرآن ووردت بها الآثار الصحيحة.
قال أبو عمر بن عبد البر: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئاً، ولا يحدون فيه صفة محصورة، وأما أهل البدع الجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة ويزعمون أن من أقرّ بها مشبه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله"3.
وهذا الإجماع الذي نقله ابن عبد البر عن السلف فيه رد على من يقول: أن مذهب السلف هو التفويض في صفات الله ـ تعالى ـ وأن من نسب إليهم ذلك فهو جاهل تماماً لمذهب السلف في هذا الباب والصحيح أن مذهب السلف هو حمل صفات الله الواردة في القرآن والسنة على الحقيقة ولا يفوضون إلا في الكيفية فقط لأنه لا يعلم كنه ذلك إلا ـ هو سبحانه ـ ولأن ذلك مما استأثر الله بعلمه فعبارة السلف "أمروها كما جاءت"4 لا تدل على
1- المصدر السابق 1/93.
2- لمعة الاعتقاد: ص12.
3- التمهيد 7/145، الفتوى الحموية الكبرى ص51.
4- الفتوى الحموية الكبرى ص51.