أن مذهبهم التفويض في المعنى، وإنما معنى هذه العبارة هو ما قررنا هنا، والعلم لله ـ تعالى ـ.
ثم إن صفة اليدين ضلت فيها طوائف مختلفة كالمشبهة والمعتزلة والأشعرية.
أولاً: المشبهة:
أما المشبهة: أتباع محمد بن كرام السجستاني فقد زعموا: أن يدي الله ـ تعالى ـ جارحتان وعضوان فيهما كفان وأصابع ككفي الإنسان وأصابعه1.
وهذا الزعم باطل شرعاً وعقلاً.
أما شرعاً فقد قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُْ} 2. ومعنى الآية: أن الله ـ تعالى ـ لا يشبه شيئاً من خلقه، ولا يشبهه شيء من خلقه فصفات الباري ـ سبحانه ـ كلها خلاف صفات المخلوقين فهو ـ سبحانه ـ مباين لخلقه له يدان لا كأيدي المخلوقين، وله قدرة لا كقدرة المخلوقين، وله بصر لا كبصر المخلوقين وقال تعالى: {فَلا تَضْرِبُوا لله الأَمْثَالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} 3. قال ابن كثير: {فَلا تَضْرِبُوا لله الأَمْثَالَ} أي: لا تجعلوا له أنداداً وأشباهاً وأمثالاً4 فالمشبهة عندما يزعمون أن يدي الله كأيديهم وسمعه كسمعهم وغير ذلك فقد جعلوا لله أمثالاً وأشباهاً ـ تعالى الله ـ عما يقولون علواً كبيراً.
وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} 5 يعني هل تعلم ـ للرب ـ مثلاً أو شبيهاً وقال تعالى: {وَلله الْمَثَلُ الأَعْلَى} 6 وهذه الآية أثبتت الكمال المطلق لله ـ تعالى ـ من جميع الوجوه والمشبهة ساووه بالناقصات ـ تعالى ـ وتقدس عن قولهم علواً كبيراً.
1- الفرق بين الفرق ص215 وما بعدها، الملل والنحل 1/105، 108 وما بعدها وأصول الدين للبغدادي ص110 لوامع الأنوار البهية 1/91.
2- سورة الشورى آية: 11.
3- سورة النحل آية: 74.
4- تفسير القرآن العظيم: 2/212.
5- سورة مريم آية: 65.
6- سورة النحل آية: 60.