وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على أن الدعاء عبادة لا يجوز صرفها لغير الله ـ تعالى ـ.
منها ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما: من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ثم يقول: من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له ... " الحديث1.
وروى الإمام أحمد في المسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء" 2.
وإذا كان الدعاء من أجل العبادات وأكرمها على الله ـ عز وجل ـ فهلاً ـ يعقل أولئك القبوريون الذين ينادون أهل القبور ويستغيثون بهم ويطلبون منهم المطالب التي لا يملكها إلا الله من جلب النفع ودفع الضر؟ وهلا ينتهي أولئك الضلال الذين يدعون أنهم أولياء فيقفون في طريق العوام يزينون لهم دعاء الأموات والإستغاثة بهم فيضلونهم ويصدونهم عن سبيل الله بل وصل الحد بمن يدعي الولاية أنه يضمن لتابعيه دخول الجنة والنجاة من النار وقد قال تعالى مخاطباً سيد الأولين والآخرين: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} فأين هؤلاء الجهلة من هذه الآية؟ فإذا كان سيد الأولين والآخرين لا يقدر على إنقاذ من حقت عليه كلمة العذاب فكيف يدعي أولئك العصاة أنهم يملكون ذلك فالواجب على كل مكلف أن يعرف ما لربه من الواجب عليه وأن يخلص له الدين حتى يكون من عباده الموحدين وليعلم أن ربه أوحى إلى نبيه بأن يأمر أمته أن يسألوا الله من فضله الذي عطاؤه لا ينفد وخزائنه ملآى لا تنضب كما في حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح3. فلا يسأل إلا الله ولا يدعى إلا هو وحده لا شريك له لأن غير الله لا يقدر على الإعطاء والمنع
1- صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 3/29، صحيح مسلم 1/521.
2- 2/362.
3- سنن الترمذي 4/76.