الشرك بالله العظيم فكان حظهم من ذلك قليلاً، فدعاهم الشيطان إلى تلك الفتنة لأنه لا يوجد عندهم من العلم ما يدحضون به دعوته فاستجابوا لدعوته بقدر ما عندهم من الجهل وعصموا بحسب ما عندهم من العلم.
2 ـ ومن الأسباب التي جعلتهم يدعون أهل القبور الأحاديث المكذوبة المختلفة التي وضعها على الرسول صلى الله عليه وسلم أمثال عباد الأصنام من القبوريين لمناقضة دين الإسلام وزعزعة العقيدة المحمدية من النفوس مثل حديث: "إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور" وحديث "لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه" وأمثال هذه الأكاذيب التي تناقض قواعد الدين، وضعها المشركون، وراجت عند الجهلة من بعض المسلمين، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما بعث إلا لقتل من حسن ظنه بالأحجار وتجنيب الأمة فتنة القبور.
3 ـ ومن الأسباب التي جعلت القبوريين يصرفون عبودية الدعاء لغير الله ـ تعالى ـ الحكايات المكذوبة لأصحاب تلك القبور مثل: أن فلاناً استغاث بالقبر الفلاني في شدة نزلت به، فخلص منها، وفلاناً دعاه، أو دعا به في حاجة فقضيت له وفلاناً نزل به ضر فرجا صاحب القبر الفلاني فكشف ضره، وعند سدنة القبور من الأكاذيب والأساطير الباطلة الشيء الكثير، وهم من أكذب الناس على الأحياء والأموات ونفوس بني آدم مفطورة بحب من يقضي حوائجها ويزيل ضروراتها، فعندما يسمعون أن القبر الفلاني ترياق مجرّب والشيطان يتلطف في دعوة المضطر المحترق القلب، فقد يجيب الله دعوتهم ابتلاء أو امتحاناً، فالجاهل عندما تحصل له إجابة الدعوة يظن أن لذلك القبر تأثيراً في إجابة الدعاء، والله ـ سبحانه ـ يجيب دعوة المضطر إذا دعاه، ولو كان كافراً ومصداق ذلك قوله تعالى: {كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} 1.
"فليس كل من أجاب الله دعوته يكون راضياً عنه، ولا محباً له ولا راضياً بفعله، فإنه ـ سبحانه ـ يجيب دعوة البر والفاجر والمؤمن والكافر"2.
وقد تعلق القبوريون ببعض الأحاديث، وظنوا: أنها دليل يجيز لهم ما يفعلونه عند القبور، ومن تلك الأحاديث ما رواه الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه
1- سورة الإسراء آية: 20.
2- انظر إغاثة اللهفان: 1/214 ـ 215.