تبارك وتعالى أقسم على انتفاء إيمان أكثر الخلق وعند الإمتحان تعلم هل هذه الأمور الثلاثة موجودة في قلب أكثر من يدعي الإسلام أم لا؟ اهـ1.
الثالث: الذي يحكم بغير ما أنزل الله وهذا يخرج صاحبه من ملة الإسلام إلى الكفر قال ـ تعالى ـ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} 2.
هذا النوع من أخطر الأمور وأعظمها جرماً على من يحكم بغير ما أنزل الله ويقرر شريعة للناس من عند نفسه ويحرم ما لم يأذن به الله ـ تعالى ـ وهذا من نواقض كلمة التوحيد التي هي الشهادة بأن الله هو الإله الذي تألهه القلوب بالحب والتعظيم والطاعة والإنقياد، ومن أشدها أيضاً مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله فهو المطاع فيما أمر ونهى عنه وزجر، ولو فهم العباد هذا لما بقي لطاغية في الأرض وجود ولما استطاع مخلوق مهما كانت مكانته أن يضع تشريعاً مضمونه الكفر بالله ويكون سبباً في تنحية شرع الله الحكيم ويرفع من شأن القانون الأثيم.
والناظر في حال المسلمين اليوم يجد أنهم اهتموا اهتماماً بالغاً بالقوانين البشرية وزهدوا في الأحكام السماوية إلا من رحم الله، ونتيجة لهذا الإنحراف نزل بهم الذل والهوان وتسليط الأعداء فسلبوا أراضيهم وقتلوا شيوخهم وأطفالهم وانتهكوا أعراضهم وذلك بسبب بعد المسلمين عن حكم الله ورسوله وتحكيم ما اخترعته العقول الضالة، أصحابها يعادون الإسلام والمسلمين بكل ما أوتوا من قوة ولنستمع إلى ما ذكره ابن كثير في شأن ما حل بالمسلمين أيام التتار وذلك عند قوله ـ تعالى ـ {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} 3.
قال رحمه الله: "ينكر الله ـ تعالى ـ على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والإصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم، وكما يحكم به التتار من سياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم "جنكزخان" الذي وضع لهم الياسق "وهو عبارة عن كتاب مجموع
1- التبيان في أقسام القرآن ص430 ـ 431.
2- سورة المائدة آية: 44.
3- سورة المائدة آية: 50.