من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية، والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير"1.
ولقد وضح لنا الشيخ محمد بن إبراهيم2 رحمه الله ـ تعالى ـ الصور التي إن فعلها الحاكم أخرجته من الملة فقال:
الصورة الأولى: إذا جحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله ورسوله وهو معنى ما روي عن ابن عباس واختاره ابن جرير3 وجحود ما أنزل الله من الحكم الشرعي لا نزاع فيه بين أهل العلم، فإن من الأصول المتقررة المتفق عليها بينهم أن من جحد أصلاً من أصول الدين أو فرعاً مجمعاً عليه، أو أنكر حرفاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قطعياً فإنه كافر كفراً ينقل عن الملة.
الصورة الثانية: إن لم يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أن حكم الله ورسوله حي ولكنه اعتقد أن حكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكمه، وأتم وأشمل لما يحتاجه الناس وما استجد لهم من حوادث نشأت عن تطور الزمان وتغير الأحوال فهذا لا ريب في كفره لتفضيله أحكام المخلوقين التي هي زبالة الأذهان وحثالة الأفكار على حكم الحكيم الخبير، فإنه ما من قضية كائنة ما كانت إلا وحكمها في كتاب الله ـ تعالى ـ وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم نصاً أو ظاهراً أو استنباطاً أو غير ذلك علم ذلك من علمه وجهله من جهله.
الصورة الثالثة: أن لا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله ولكن اعتقد أنه مثله فهذا كالنوعين السابقين كافر كفراً ينقل عن الملة لما في ذلك من تسوية المخلوق بالخالق.
1- تفسير القرآن العظيم 2/590.
2- هو: الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية، ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة وألف هجرية، نشأ في بيت علم وفضل، حفظ القرآن وهو في الحادية عشرة من عمره، وكف بصره وهو في الرابعة عشرة من عمره فصبر واحتسب وتلقى العلوم على الشيخ سعد بن عتيق، وتوفي في رمضان سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وألف عن عمر يناهز الثمانين عاماً. انظر ترجمته في كتاب علماء نجد للبسام 1/88، ولشيخنا عبد المحسن العباد ترجمته لهذا العالم الجليل في مؤلف صغير بعنوان "عالم جهبذ وملك فذ".
3- جامع البيان 6/257.