الصورة الرابعة: من اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله فهو كالذي قبله.
الصورة الخامسة: من أعظم ذلك وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله ولرسوله: إيجاد المحاكم الوضعية التي مراجعها القانون الوضعي كالقانون الفرنسي أو الأمريكي أو البريطاني أو غيرها من مذاهب الكفار، وأي كفر فوق هذا الكفر؟ وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة.
الصورة السادسة: ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها "سلومهم" يتوارثون ذلك منهم ويحكمون به رغبة وإعراضاً عن حكم الله.
أما الكفر الذي لا ينقل عن الملة: والذي ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما بأنه كفر دون كفر وقوله أيضاً: "ليس بالكفر الذي تذهبون إليه" فذلك مثل أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملة فإنه معصية عظمى أكبر من الكبائر كالزنا وشرب الخمر والسرقة وغيرها فإن معصية سماها الله في كتابه كفراً أعظم من معصية لم يسمها الله كفراً" اهـ1.
ولخطورة هذا النوع من رؤوس الطواغيت أسهبنا في الكلام حوله إذ الحكم بغير ما أنزل الله قد عم وطم الكثير من الكرة الأرضية إلا من رحم الله ـ تعالى ـ مثل بعض البلدان التي أراد الله لها الخير فتمسكت بكتاب ربها وسنة نبيها فحماه الله من الاضطرابات وعمها الخير والرخاء.
النوع الرابع من رؤوس الطواغيت: من اصطاده الشيطان وأحكمه في شراكه فيدعي العلم بالغيب من دون الله ـ تعالى ـ وهذا مما اختص الله به دون غيره. قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} 2.
1- تحكيم القوانين ص9 ـ 11.
2- سورة الأنعام آية: 59.