لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} 1. فالواجب الإيمان بهذه الكتب التي لم تسم إجمالاً، ولا يجوز نسبة كتاب إلى الله ـ جل وعلا ـ لم ينسبه إلى نفسه بالإخبار عنه في القرآن العظيم والسنة المطهرة، كما يجب الإيمان بأن هذه الكتب نزلت من عند الله بالحق والنور والهدى، وتوحيد الله ـ سبحانه ـ في ربوبيته وألوهيته، وأسمائه وصفاته، وما ألصق بها مما يخالف ذلك إنما هو من تحريف البشر الذين يحرفون الكلم عن مواضعه بسب ما علق بقلوبهم من مرض الإلحاد.
قال شارح الطحاوية مبيناً كيفية الإيمان بالكتب السابقة "وأما الإيمان بالكتب المنزلة على المرسلين فنؤمن بما سمى الله تعالى منها في كتابه، من التوراة والإنجيل والزبور، ونؤمن بأن لله ـ تعالى ـ سوى ذلك كتباً أنزلها على أنبيائه لا يعرف أسماءها وعددها إلا الله تعالى" اهـ2.
وبالجملة فقد بين الكتاب والسنة أن الإيمان بالكتب أحد أركان الإيمان الستة. قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} 3 "فالمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد فرد صمد لا إله غيره ولا رب سواه. ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء، لا يفرقون بين أحد منهم، فيؤمنون ببعض، ويكفرون ببعض بل الجميع عندهم صادقون بارُّون راشدون مهديون هادون إلى سبيل الخير، وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله حتى نسخ الجميع بشرع محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين الذي تقوم الساعة على شريعته" اهـ4.
وقال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} 5. فجعل الله ـ سبحانه وتعالى ـ الإيمان
1- سورة البقرة آية: 213.
2- شرح الطحاوية ص350.
3- سورة البقرة آية: 285.
4- تفسير ابن كثير 1/608.
5- سورة البقرة آية: 177.