هو الإيمان بهذه الجملة وسمى من آمن بهذه الجملة مؤمنين1، ومن بينها الإيمان بالكتب.
ولقد أوجب الحق ـ سبحانه ـ في كتابه الإيمان بجميع الكتب السماوية قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً} 2.
إن هذه الآية وحدها كافية في الدلالة على وجوب الإيمان بكتب الله ـ تعالى ـ على وجه العموم وبالقرآن الكريم كتاب رب العالمين على وجه الخصوص وإنها أيضاً لكافية في الدلالة على تحريم التكذيب بها وعدم التصديق بكل ما ورد فيها مما هو وحي الله وكلامه ـ سبحانه وتعالى ـ.
وأما دلالة السنة على وجوب الإيمان بالكتب فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته وهو حديث جبريل وسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فقال "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" 3.
"فهذه أصول اتفقت عليها الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم وسلامه ولم يؤمن بها حقيقة الإيمان إلا إتباع الرسل"4
قال الحافظ: عند قوله صلى الله عليه وسلم "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله" ودل الإجمال في الملائكة والكتب والرسل على الإكتفاء بذلك في الإيمان بهم من غير تفصيل، إلا من ثبتت تسميته فيجب الإيمان به على التعيين وهذا الترتيب مطابق للآية {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ... } الآية5. ومناسبة الترتيب المذكور، وإن كانت الواو لا ترتب بل المراد من التقديم أن الخير والرحمة من الله، ومن أعظم رحمته أن أنزل كتبه إلى عباده والمتلقي لذلك منهم الأنبياء والواسطة بين الله وبينهم الملائكة"اهـ6.
1- شرح الطحاوية ص332.
2- سورة النساء آية: 136.
3- صحيح البخاري 1/18، صحيح مسلم 1/36 ـ 37.
4- شرح الطحاوية ص333.
5- سورة البقرة آية: 285.
6- الفتح 1/118.