شريعة يحل الله فيها ما يشاء ويحرم ما يشاء ليعلم من يطيعه ممن يعصيه والدين الذي لا يقبل الله غيره التوحيد والإخلاص لله الذي جاءت به جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام1.
وتلك الشرائع التي سبقت القرآن لم يضمن الله حفظها على مدى الأزمان كما هو الشأن في القرآن، بل أخبرنا ـ سبحانه ـ بما طرأ على تلك الكتب من التحريف.
فعن تحريف اليهود وتغييرهم الذي أدخلوه في التوراة. قال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 2 وقال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} 3.
وأما عن تحريف النصارى الذي أدخلوه على الإنجيل فقد قال تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} 4.
ومن التحريفات الباطلة التي أحدثها اليهود والنصارى في دينهم ما زعمه اليهود في العزير من أنه ابن الله وما زعمه النصارى في المسيح أنه ابن الله تعالى الله عن قولهم جميعاً علواً كبيراً.
ولقد ذكر الله في القرآن هذا الانحراف وأكذبهم فيه ولعنهم عليه. قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} 5.
وقد بين الله تعالى فساد هذا المعتقد ونزه نفسه عنه فقال تعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} 6.
1- تفسير ابن كثير 2/586.
2- سورة البقرة آية: 75.
3- سورة النساء آية: 46.
4- سورة المائدة آية: 14 ـ 15.
5- سورة التوبة آية: 30.
6- سورة الإخلاص.