ومن الآيات الدالة على خلق أفعال العباد قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور} 1.
قال البيهقي: "فأخبر أن قولهم وسرهم وجهرهم خلقه وهو بجميع ذلك عليم" أ. هـ2.
فهذه الآيات التي قدمنا ذكرها دلت على أن الله خالق كل شيء فهو خالق كل عامل وعمله، وكل متحرك وحركته وكل ساكن وسكونه، وما من ذرة في السموات ولا في الأرض إلا والله ـ سبحانه وتعالى ـ خالقها وخالق حركتها وسكونها ـ سبحانه ـ لا خالق غيره ولا رب سواه.
كما دلت على أن للعباد قدرة على أعمالهم، ولهم مشيئة والله تعالى خالقهم وخالق قدرتهم ومشيئتهم، وأقوالهم وأعمالهم وهو الذي منحهم إياها وأقدرهم عليها وجعلها قائمة بهم مضافة إليهم حقيقة، وبحسبها كلفوا وعليها يثابون ويعاقبون، كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 3 وقال تعالى: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 4 ولم يكلفهم الله تعالى إلا وسعهم ولم يحملهم إلا طاقتهم كما قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} 5.
وروى البخاري في صحيحه بإسناده إلى البراء بن عازب رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ينقل معنا التراب وهو يقول:
والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا صمنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إذ لا قينا
والمشركون قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا6
1- سورة الملك آية: 13.
2- الاعتقاد ص60.
3- سورة الزخرف آية: 72.
4- سورة السجدة آية: 14.
5- سورة البقرة آية: 286.
6- صحيح البخاري مع الفتح 11/515 ـ 516.