الصحيح: "أن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا موسى آخذ بقائمة العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة يوم الطور"1.
فهذا الصعق في موقف القيامة إذا جاء الله لفصل القضاء، وأشرقت الأرض بنوره، فحينئذ تصعق الخلائق كلهم قال تعالى: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} 2.
ولو كان هذا الصعق موتاً لكانت موتة أخرى3 "وقد تفطن لهذا بعض أهل العلم فقد قال أبو عبد الله القرطبي ظاهر هذا الحديث أن هذه صعقة غشي تكون يوم القيامة لا الصعقة الحادثة عن نفخ الصور قال: وقد قال شيخنا أحمد بن عمرو: ظاهر حديث النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن هذه الصعقة إنما هي بعد النفخة الثانية، نفخة البعث ونص القرآن يقتضي أن ذلك الإستثناء إنما هو بعد نفخة الصعق، ولما كان هذا قال بعض العلماء: يحتمل أن يكون موسى ممن لم يمت من الأنبياء وهذا باطل. وقال القاضي عياض: يحتمل أن يكون المراد بهذه صعقة فزع بعد النشور حين تنشق السموات والأرض.
قال: فتستقل الأحاديث والآثار، وردَّ عليه أبو العباس القرطبي فقال: يرد هذا قوله في الحديث الصحيح: أنه حين يخرج من قبره يلقى موسى آخذاً بقائمة العرش، وهذا إنما يكون عند نفخة الفزع.
وقال أبو عبد الله: وقال شيخنا أحمد بن عمرو: الذي يزيح هذا الإشكال إن شاء الله تعالى أن الموت ليس بعدم محض وإنما هو انتقال من حال إلى حال، ويدل على ذلك أن الشهداء بعد قتلهم وموتهم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين مستبشرين، وهذه صفة الأحياء في الدنيا وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء بذلك أحق وأولى مع أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء وأنه صلى الله عليه وسلم اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفي السماء وخصوصاً بموسى وقد أخبر بأنه ما من مسلم يسلم عليه إلا رد الله روحه حتى يرد عليه ... وإذا تقرر أنهم أحياء فإذا نفخ في الصور نفخة الصعق صعق كل من السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، فأما صعق غير الأنبياء فموت، وأما صعق
1- صحيح البخاري مع الفتح 6/430 من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، المسند 3/33.
2- سورة الطور آية: 45.
3- الروح ص50 ـ 51.