فالمراد بالنفختين هنا نفخة الصعق ونفخة القيام للبعث والنشور، ويؤيد ذلك إنزال الماء بينهما وذكر عجب الذنب الذي منه يخلق الإنسان وفيه يركب خلقه عند بعثه يوم القيامة1.
النفخة الثالثة: نفخة البعث:
وهذه النفخة هي نفخة البعث والنشور والقيام لرب العالمين دل عليها من السورة قوله تعالى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} .
قال السدي: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى} قال: في الصور وهي نفخة البعث.
وقال قتادة: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} . قال نبي الله: بين النفختين أربعون قال: قال أصحابه فما سألناه عن ذلك ولا زادنا على ذلك غير أنهم كانوا يرون من رأيهم أنها أربعون سنة.
وذكر لنا أنه يبعث في تلك الأربعين مطر يقال له: مطر الحياة حتى تطيب الأرض وتهتز وتنبت أجساد الناس نبات البقل2.
قال ابن كثير: "ثم يحيي أول من يحيي إسرافيل ويأمره أن ينفخ في الصور أخرى وهي النفخة الثالثة نفخة البعث قال الله ـ عز وجل ـ: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} أي: أحيا بعد ما كانوا عظاماً ورفاتاً صاروا أحياء ينظرون إلى أهوال يوم القيامة" أ. هـ3.
وهذه النفخة التي هي نفخة البعث جاءت فيها آيات كثيرة.
قال تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً} 4.
وقال تعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} 5.
وقال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا
1- النهاية لابن كثير 1/181.
2- جامع البيان 24/31.
3- تفسير ابن كثير 6/110.
4- سورة النبأ آية: 18.
5- سورة النازعات آية: 13.