يقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً وبالكرام الكاتبين شهوداً قال: فيختم على فيه فيقال لأركانه إنطقي. قال فتنطق بأعماله قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام قال: فيقول بعداً لكن وسحقاً فعنكن كنت أناضل".
وفي رواية أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثم يقال: الآن نبعث شاهداً عليك ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه أنطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي سيسخط الله عليه" 1.
وإذا كانت أركان الإنسان وسمعه وبصره وجلده ولحمه وعظمه هي التي تتكلم فهل يبقى شك في أن المعاد هو عين الجسد الأول، لا شك أنه لا يبقى أي ريب في قلب المسلم الذي يؤمن بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد أفصح القرآن جد الإفصاح عن معاد الأبدان الدنيوية قال تعالى: {ومنها خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} 2.
وقال تعالى: {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً} 3.
وقال تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} 4.
فهذه الآيات القرآنية تنص على أن الخلق يعودون من التراب الذي منه خلقوا، وتشير إلى أدلة الإمكان على ذلك المتمثلة في كمال قدرته ـ سبحانه ـ وسعة علمه ـ جل وعلا.
1- صحيح مسلم بشرح النووي 18/104 ـ 105.
2- سورة طه آية: 55.
3- سورة نوح آية: 17 ـ 18.
4- سورة ق آية: 1 ـ 4.