وقال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} 1.
وقوله ـ سبحانه ـ {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَه بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} 2 وقوله سبحانه {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} 3 وغيرها من الآيات التي تعرض شبه المنكرين للبعث المتمثلة في استبعادهم لإعادة أبدانهم التي مزقها البلى وأكلتها الأرض وأصبحت رميماً. كلها دلت على أن الإعادة أمر سهل وميسور على الله الذي خلق الإنسان ولم يك شيئاً، والذي يعلم ما أكلته الأرض وما أبقته لكمال علمه وسعة إحاطته بكل شيء، وأنه تعالى قادر على أن يجمع العظام ويسوي البنان التي هي أدق عضو ومفصل في الإنسان.
وقد أخبرنا تعالى أنه كما خلقنا يعيدنا قال تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} 4.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "قال الحسن البصري ومجاهد: كما بدأكم فخلقكم في الدنيا ولم تكونوا شيئاً كذلك تعودون يوم القيامة.
وقال قتادة: "بدأهم من التراب وإلى التراب يعودون كما قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} 5 وقال {فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} 6".
وما الأحاديث النبوية: فمثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ما بين النفختين أربعون قالوا يا أبا هريرة أربعون يوماً؟ قال أبيت. قالوا أربعون شهراً؟ قال أبيت. قالوا أربعون سنة؟ قال أبيت، ثم ينزل الله من السماء ماءاً فينبتون كما ينبت البقل قال: وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة.
وفي رواية أخرى: "كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب"،
1- سورة يس آية: 78 ـ 79.
2- سورة القيامة آية: 3، 4.
3- سورة سبأ آية: 7.
4- سورة الأعراف آية: 29.
5- سورة طه آية: 55.
6- انظر مجوع الفتاوى 17/249 ـ 250 والآية رقم 25 من سورة الأعراف.