وقال تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 1.
وقال تعالى: {جَزَاءاً وِفَاقَاً} 2 أي: "موافقاً لأعمالهم" 3.
والآيات في إثبات الجزاء على الأعمال يوم القيامة كثيرة جداً ويكفينا منها هنا هذا القدر المتقدم.
وقد وردت أحاديث صحيحة في السنة المطهرة دلت على إثبات جزاء الأعمال يوم القيامة.
ومن تلك الأحاديث: قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه ـ عز وجل ـ أنه قال "...... يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه" 4.
ومن الأحاديث التي دلت على ثبوت جزاء الأعمال يوم القيامة الحديث الطويل الذي بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة مانعي الزكاة في الذهب والفضة والإبل، والبقر والغنم، وبين فيه أن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وفي هذا الحديث أنه قيل يا رسول الله فالحمر5 قال: "ما أنزل علي في الحمر6 شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} 7.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله علي في الحمر شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة" معنى الفاذة القليلة النظير والجامعة أي: العامة المتناولة لكل خير ومعروف وفيه إشارة إلى التمسك بالعموم8.
1- سورة السجدة آية: 17.
2-سورة النبأ آية: 26.
3- تفسير النسفي 4/327، وانظر جامع البيان 30/15.
4- رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه 4/1993 ـ 1995.
5- "جمع حمار" أي: فما حكمها.
6- أي: لم ينزل علي فيها نص بعينها.
7- رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه 2/682 ـ 683 والآيتان من سورة الزلزلة آية: 7 ـ 8.
8- شرح النووي على صحيح مسلم 7/67.