والسموم: هو الريح الحارة قاله قتادة وغيره.
وهذه الآية: تضمنت ذكر ما يتبرد به في الدنيا من الكرب والحر وهو ثلاثة: الماء، والهواء، والظل.
فهواء جهنم: السموم وهو الريح الحارة الشديدة الحر.
وماؤها الحميم: الذي قد اشتد حره، وظلها: "اليحموم وهو قطع دخانها أجارنا الله من ذلك كله بكرمه ومنِّه"1.
وقال تعالى: {وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} 2.
هذه الآية بين الله ـ تعالى ـ فيها أن حرارة جهنم لا يمكن أن تقاس بالمقاييس التي يعرفها البشر بالنسبة لدرجات الحرارة لأنها نار اليوم الذي يفصل الله فيه بين الخلائق، وهي نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة. فلا يستطيع أحد أن يقيسها بنار الدنيا.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم شدة ارتفاع حرارة جهنم بقوله: "ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم".
قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله قال: "فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها" 3.
وقوله عليه الصلاة والسلام "ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم" يعني أنه لو جمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها ابن آدم لكانت جزءاً من أجزاء جهنم المذكور، وبيانه أنه لو جمع حطب الدنيا فأوقد كله حتى صار ناراً لكان الجزء الواحد من أجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزءاً أشد من حر نار الدنيا كما بينه في آخر الحديث".
وقولهم: "وإن كانت لكافية" إن هنا مخففة من الثقيلة عند البصريين نظيره {وَإِنْ
1- التخويف من النار "لابن رجب" ص82.
2- سورة التوبة آية: 81.
3- رواه البخاري ومسلم صحيح البخاري 2/219، صحيح مسلم 4/2184، واللفظ له وكلاهما من حديث أبي هريرة.