المبحث الرابع: أرض الجنة
لقد بينت السورة أن المتقين هم الذين يرثون أرض الجنة، وأنهم ينزلون منها حيث يشاؤون ويسكنون منها منازل حيث يحبون ويشتهون وأنهم عندما يشاهدون الجنة وما فيها من النعيم يحمدون ربهم ويثنون عليه، وينوهون بصدق وعده لهم.
قال تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لله الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} .
فالمراد بالأرض في قوله {وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ} هي: أرض الجنة.
قال مجاهد في قوله تعالى: {وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ} قال: أرض الجنة وبهذا قال السدي وابن زيد وقتادة وأبو العالية1 وأبو صالح2.
وقال البغوي: {وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ} أي: أرض الجنة وهو قوله ـ عز وجل ـ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} 3.
"وقال ابن قتيبة4: " {وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ} أي: "أرض الجنة"5.
1- أبو العالية: رفيع بن مهران الرياحي البصري عالم بالقرآن توفي سنة إحدى عشرة ومائة هجرية. انظر ترجمته في: "طبقات الحفاظ للسيوطي ص29، تذكرة الحفاظ للذهبي 1/61، تهذيب التهذيب 3/284".
2- جامع البيان 24/37، تفسير القرآن العظيم 6/116.
3- تفسير البغوي على حاشية تفسير الخازن 6/72 والآية رقم 150 من سورة الأنبياء.
4- هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري أبو محمد من أئمة الأدب، ومن المصنفين المكثرين. ولد ببغداد وسكن الكوفة، ثم ولي قضاء الدينورة مدة فنسب إليها. ولد سنة ثلاث عشرة ومائتين وتوفي سنة ست وسبعين ومائتين هجرية. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/251، الميزان 2/503، الأعلام 4/280.
5- تفسير غريب القرآن ص 384.