وقال القرطبي: {وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ} أي: أرض الجنة1.
وبعض أهل العلم يرى أن المراد بالأرض أرض الجنة التي كانت لأهل النار لو دخلوها.
وقال ابن جرير {وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ} يقول: "وجعل أرض الجنة التي كانت لأهل النار لو كانوا أطاعوا الله في الدنيا فدخلوها ميراثاً لنا"2.
ولعل مستندهم في حمل الآية على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا له منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} 3.
قال الحافظ بعد أن ذكر هذا الحديث: "وقال جمهور المفسرين: في قوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لله الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ} الآية. المراد بأرض الجنة التي كانت لأهل النار لو دخلوا الجنة وهو موافق لهذا الحديث"4.
أقول:
كون الحديث دل على أن لكل أحد منزلاً في الجنة ومنزلاً في النار هذا مما لا نزاع فيه بل يجب على كل امرئ الإيمان بذلك إلا أن حمل الآية عليه غير صواب لأن أهل الجنة يرثون من الجنة منازلهم المعدة لهم بسبب أعمالهم وتقواهم كما قال ـ عز وجل ـ: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون} 5.
وعلى سبيل الفرض أن أهل الجنة يرثون منازل أهل النار وأن قصر الآية على ذلك يوهم أنهم ليس لهم في الجنة إلا ما أورثوا من منازل أهل النار والواقع من خلال النصوص يخالف ذلك. قال تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً} 6.
1- الجامع لأحكام القرآن 15/287.
2- جامع البيان 24/37.
3- رواه ابن ماجة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه 2/1453.
4- الفتح 11/442.
5- سورة الأعراف آية: 43.
6- سورة مريم آية: 63.