وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} 1.
فهذه صفات وشروط الإرث للفردوس الأعلى فمن أحرز هذه الصفات وتمثل بها كان من سكانها بعد رحمة الله تعالى.
وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 2.
فهذه الآيات وأشباهها بينت أن سبب إرث أهل الجنة للجنة هو تقواهم لربهم وما قدموا من الأعمال الصالحة في دنياهم ومما ينبغي أن يعلم أن العمل لا يكفي مستقلاً في دخول الجنة بل لابد من رحمة الله ـ تعالى ـ بعد ذلك.
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يدخل أحداً منكم عمله الجنة" قالوا: ولا أنت يا رسول الله. قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بفضله ورحمته".
وفيه أيضاً: من حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا وأبشروا فإنه لن يدخل الجنة أحداً عمله" قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة، واعلموا إن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ".
ومن حديث جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل أحداً منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا إلا برحمة من الله" 3.
فهذه الأحاديث تدل على أن العمل لا يكفي وحده لدخول الجنة بل الدخول فيها يكون برحمة الله ـ تعالى ـ وفضله مع مراعاة جانب العمل.
1- سورة المؤمنون آية: 1 ـ 10.
2- سورة الزخرف آية: 72.
3- انظر هذه الأحاديث الثلاثة في "صحيح مسلم" 4/2170 ـ 2171.