وهذا الأمر يقودهم إلى الحسرة؛ لأنهم يعتقدون أن الخلفاء استولوا على سلطان إمامهم؛ لذلك فهم يَدْعون _ دائماً _ بأن يعجل الله فرج هذا الغائب؛ حتى يقيم دولتهم، وينتقم من أعدائهم، لكن غيبة هذا المنتظر طالت، وتوالت قرون قاربت الاثني عشر دون أن يظهر، والشيعة _ طوال هذا الوقت _ محرومون من دولة شرعية _حسب اعتقادهم_1.
ثم بدأت فكرة القول بنقل وظائف المهدي المنتظر تداعب أفكار المتأخرين منهم.
فنتج عن ذلك القولُ والاعتقاد بولاية الفقيه، وهي تعني أن يقوم الفقيه الشيعي _لا غيره_ مقام الإمام الغائب، بحيث يكون له ما للغائب من التقديس، والتعظيم، والخضوع، والانقياد لأوامره واجتهاداته، ولا يحل لأحد أن يعترض على الفقيه؛ لأن المعترض عليه معترض على الله.
فالفقيه عندهم ليس له الولاية الخاصة بمعنى أنه المرجع في الفتوى والخصومات فحسب، بل له الولاية العامة، أي له ما للإمام من السلطة الدينية، والولاية العامة لأمور الناس، والزعامة الشاملة فيما يخص شؤون المسلمين العامة، وله الحق في الموارد التي يكون للإمام التصرف فيها، كأخذ الخمس من الغنائم، وله المعادن والأرض التي لا مالك لها، ورؤوس الجبال، وما يكون فيها من حجارة أو شجر أو معدن2.
1_ انظر بروتوكولات آيات قم ص34.
2_ انظر نظرية ولاية الفقيه، دراسة وتحليل ونقد د. عرفان عبد الفتاح ص6، وأثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله د. علي السالوس ص406_407، والشيعة الإمامية الاثنا عشرية في ميزان الإسلام، ربيع بن محمد ص205.