4- نلمس - في المناظرة الثانية - ما عليه شيخ الإسلام من تحقيق لآداب المناظرة، فقد أحسن التعامل مع مخالفه، وترّفق به، فوصفه بأنه من فضلاء شيوخهم، وأجاب طلبه في الخلوة والكلام معه في مسألة الإمامة، كما بيّن شيخ الإسلام مذهب الرافضة بكل إنصاف، حتى أقرّ الرافضي بأن هذا البيان على غاية الكمال، وكان ابن تيمية في غاية التجرد للحق، والنصح لمخالفه، حيث قال: "فأنا وأنت طالبان للعلم والحق "
فالباعث من تلك المناظرة المناصحة والرحمة، لا المغالبة والظهور [1] .
5- تميّز شيخ الإسلام بقوة حجته، وبراعة مناظرته، وتمام درايته بمذهب الرافضة، ولا غرو في تلك الدراية وهو القائل: " أنا أعلم كل بدعة حدثت في الإسلام، وأول من ابتدعها، وما كان سبب ابتداعها" [2] .
لقد طالبهم في مناظرته الأولى بالدليل على دعواهم بعصمة الأئمة، فالعصمة لا تثبت إلا للأنبياء عليهم السلام، وكما قرر شيخ الإسلام في أحد مؤلفاته أنه لا عبرة بكثرة الدعاوى، وإنما العبرة بقوة الأدلة [1] انظر: الكلام عن مناظرة المناصحة والمغالبة في كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (الإيمان) 2/548. [2] مجموع الفتاوى 3/ 84.