أذى ومصاعب كثيرة [1] .
وفي عهد المماليك - صارت الدولة تلزم رؤساء الطوائف بعد تعيينهم أن يلتزموا ويلزموا أتباعهم بالشروط المعروفة على أهل الذمة، وأن يلتزموا أيضا بالقيود المفروضة عليهم من تميزهم باللباس، وكانت هذه الأوامر تخف أحيانا بحيث لا يلتزمها أهل الذمة، ثم إذا طالت المدة - ووجد سبب معين - أعيد الأمر بالتزامها وشدد عليهم في ذلك.
وكان من أبرز المراسيم الصارمة الصادرة في حق أهل الذمة المرسوم الصادر سنة 700هـ - في عهد السلطان قلاوون - بالزامهم بأحكام أهل الذمة من لباس ومركوب، وعدم استخدامهم في الوظائف الديوانية، وكان لنائب السلطان: الجاشنكير دور كبير في ذلك [2] .
وفي سنة 709هـ لما عاد السلطان محمد بن قلاوون في سلطنته الثالثة، وأمر بإطلاق ابن تيمية - من السجن - وقدمه - فلما جلس ومعه العلماء والقضاة عرض الوزير [3] على السلطان أن أهل الذمة قد عرضوا أن يدفعوا للديوان سبعمائة ألف في كل سنة زيادة على الحالية، على أن يعودوا إلى لبس العمائم البيض - كالمسلمين - فاستشار السلطان العلماء " فقال لهم: ما تقولون؟ يستفتيهم في ذلك، فلم يتكلم احد، فجثى الشيخ تقي الدين على ركبتيه، وتكلم مع السلطان في ذلك بكلام غليظ ورد على الوزير ما قاله ردا عنيفا، وجعل يرفع صوته والسلطان يتلافاه ويسكنه بترفق وتؤدة وتوقير، وبالغ الشيخ في الكلام وقال ما لا يستطيع أحد أن يقوم بمثله ولا بقريب منه، وبالغ في التشنيع [1] انظر: الدولة الفاطمية - سرور - (ص86) وما بعدها، وانظر: أهل الذمة في مصر في العصور الوسطى (ص51) ، وانظر أيضا: الفاطميون في مصر - حسن ابراهيم حسن (ص199) وما بعدها. [2] انظر صبح الأعشى (13/ 377) ، والبداية والنهاية (14/ 16) ، والنجوم الزاهرة (8/ 132) ، والسلوك (1/909) ، وعلل المقريزي ذلك بزيادة ترف أهل الذمة وركوبهم الخيل المسومة، ثم ذكر قصة قدوم وزير ملك المغرب ودوره في ذلك وقد أشار إلى دوره كال من القلقشندي وابن تغري بردي، كما فصل ذلك المقريزي في الخطط (2/498) . [3] هو: ابن الخليل - انظر حسن المحاضرة (2/300) .