أما الناحية العقدية - في هذا العصر- فلتوضيحها نعرض لأحوال أهل الذمة ثم إلى انتشار التصوف والشركيات، وأخيرا نعرض إلى انتشار المذهب الأشعري.
أولا: أهل الذمة:
لأهل الذمة أحكام ذكرها العلماء، وأشهر ما جع في ذلك ما ورد في الشروط العمرية- نسبة الى عمر بن الخطاب- رضي الله عنهـ [1] ، ثم لما تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز-رحمه الله- كانت له مواقف من أهل الذمة [2] ، وقد اهتم العلماء في هذه المسألة وأبرز من اهتم بها وذكر فيها روايات عديدة عبد الرزاق الصنعاني [المتوفي سنة 211 هـ] وذلك ضمن موسوعته الحديثية " المصنف " وسماه " كتاب أهل الكتابين " [3] ، ولعل سر اهتمامه بذلك كونه عاش في اليمن حيث يوجد هناك بعض اليهود والنصارى.
وقد بقى أهل الذمة في العالم الإسلامي غالبا ما يلتزمون هذه الشروط العمرية- سواء منها ما يتعلق باللباس المميز لهم أو غيره -، حتى إذا جاء الفاطميون واحتلوا مصر وهم يحملون معهم المذهب الشيعي الغالي الخالف لمذهب جمهور المسلمين السنيين، ورأوا أنه لا يمكن الاعتماد- كليا- على أهل السنة الموالين للخلافة العباسية، قرب الخلفاء الفاطميون أهل الذمة من اليهود والنصارى وولوهم مناصب كبيرة في الدولة بلغت أحيانا مرتبة الوزارة، وقد عمل هؤلاء - حتى ولو كانوا من اليهود- على التساع مع النصارى وتوظيفهم، وبناء الكنائس، وبلغ من تعاطف! بعض الخلفاء الفاطميين مع النصارى أن صاروا يحتفلون معهم بأعيادهم الخاصة بهم وقد لقى المسلمون من جراء هذه الأمور [1] انظر: نص هذه الشروط والكلام حول رواياتها ثم شرحها في أحكام أهل الذمة لابن القيم (2/657) وما بعدها. وانظر الأموال لأبي عبيد (ص: 23 1) وما بعدها، وانظر: معالم القرية (ص: 94) ، ونهاية الرتبة (ص: 106) . [2] انظر: سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي (ص: 81) ولابن عبد الحكم (ص: 140) . [3] المصنف (0 1/1 1 3-378) .