من أمراء الشام أو مصر، فإن الأمير الجديد ينزل من قلعة الجبل إلى القبة المنصورية ثم يحلف عند القبر المذكور ويحضر تحليفه صاحب الحجاب [1] . وتليها المدرسة الناصرية التى بناها الناصر قلاوون وبنى فيها قبة دفن والدته وأحد أولاده [2] . ولما انتصر قلاوون سنة 702 هـ في وقعة شقحب وقدم إلى مصر كان أول عمل عمله أن زار قبر والدهـ في ضريحهـ والقراء يقرؤون القرآن عند القبر [3] .
أما على المستوى العام فقد انتشر عند الناس تعظيم القبور والسفر لزيارتها، كما شاع عندهم تعظيم بعض الأماكن التي تنسب- كذبا- إلى نبي أو ولي، ففي دمشق كانت هناك صخرة عند مسجد التاريخ يعظمها الناس ويقبلونها، ويزعمون أن فيها أثر قدم النبى - صلى الله عليه وسلم -، كما كان هناك عند الباب الصغير العمود الخلق يتبرك به الناس وقد هدمهما ابن تيمية-رحمه الله- تعالى- [4] .
أما موقف أكثر العلماء من هذه الشركيات فكان أحسن أحواله السكوت عنها - خاصة وأن كثيرا ممن تولى القضاء كانوا يميلون إلى التصوف- ويرون السفر لزيارة القبور، وهؤلاء هم الذين وقفوا ضد فتاوى ورسائل ابن تيمية حول هذه المسائل حتى سجن ومات فيه.
أما موقف ابن تيمية من هذه الشركيات فقد كان موقفا عظيما، وقد قام على ثلاثة محاور:
الأول: بيان حقيقة هذه المشاهد، وأن الكثير منها كذب، وليست قبورا لمن نسبت إليه [5] . [1] انظر: الخطط (2/ 0 38- 381) ، والسلوك، ملاحق (1/997- 1 0 0 1) ، وكان الأمراء قبل ذلك يحلفون عند القبة فى المدرسة الصالحية. انظر: الخطط (2/374،0 38) . [2] انظر: الخطط (2/ 382) ، والسلوك- ملاحق- (1/1040- 0 5 0 1) . [3] انظر: السلوك- ملاحق- (1/1038- 39 0 1) . [4] انظر: ترجمة ابن تيمية بقلم خادمه (ص:10 - 11) ، والسلوك (2/8-9) ، وبدائع الزهور (1/417) ، والبداية والنهاية (14/ 34) . [5] انظر: كتاب رأس الحسين، ومجموع الفتاوى (17/ 0 0 5، 27/ 173) ، وأيضا (27/ 61) حول قبر نوح.