الثاني: البيان العلمى من خلال المناقشات المباشرة، ومن خلال المؤلفات والرسائل، وبيان ما فيها من بدع وشرك ومناقشة أقوال الخالفين.
الثالث: الناحية العملية وذلك بإزالة هذه الأماكن الشركية ومنع المتلبسين بشيء منها [1] .
أما التصوف فيعتبر هذا العصر- القرن السابع والثامن- العصر الذهبي له، ولعل الضعف والتفرق الذي أصاب العالم الاسلامي قبل ذلك، والحروب الصليبية التى صدمت المسلمين نفسيا قبل أن تصدمهم عسكريا، كانت من أسباب انتشاره في هذا العصر.
والتطور الذي حدث للتصوف في هذا العصر تطور خطير، إذ أنه تحول من تصوف فردى في الغالب يقوم على جهود الأفراد واتباعهم الى تصوف منظم، له مدارسه التي يينيها الحكام وغرهم وتهيأ لهذه المدارس والأماكن كل ما يحتاجه ساكنو هذه المدارس ومرتادوها، ولأ تنقطع بموت الشيخ أو الصوفي وإنما يتوارثها من بعده ممن اشتهروا وزعم الناس فيهم الولاية وشاعت لهم الكرامة.
وقد برز التصوف من خلال ممايلي:
أ- بناء الخوانق والربط والزوايا [2] ،
وقد انتشرت انتشارا عظيما في عصر الأيوبيين والمماليك، ومن المحزن حقا ما ذكره بعض الكتاب من أن أول خانقاه بنيت في الشام كانت برملة بيت المقدس بناها أمير النصارى حين استولى [1] انظر: نماذج من ذلك في ترجمته بقلم خادمه (ص: 6-24) . [2] الخانقاه: كلمة فارسية وتنطق أحيانا خانكاه، ومعناها بيت، ثم جعلت علما على المكان الذي يتخلى فيه الصوفية لعبادة الله تعالى، انظر الخطط (2/414) ، ومنادمة الأطلال (ص: 272) .
والربط: جمع رباط وأصله المكان الذي يرابط فيه المجاهدون في سبيل الله في الثغور، ثم بعد ذلك استخدم علما على بيت الصوفية ومنزلهم. انظر: عوارف العوارف (1/ 261- 281) ، والخطط (2/427) .
والزوايا: جمع زاوية، وهي المكان الذي يخصصه شخص ما للعبادة ويختلى فيه ويأتيه فيه بعض مريديه. انظر منادمة الأطلال (ص: 299) .
والفرق بينهما: أن الخانقاه على شكل مدرسة يعين لها شيخ رفيها مدرسون فلا يدخلها إلا من قبل فيه، أما الربط: فهى لفقراء الصوفية، أما الزاوية: فهي برسم شخص معين. انظر المجتمع الاسلامي في بلاد الشام (ص: 155) .