نرجو أن يكون مؤمنًا؛ وإنما الواجب عليهم أن يقولوا إن إيمانه مثل إيمان محمد صلى الله عليه وسلم، وِإيمان جبريل، وأن يشهدوا عليه أنه مؤمن حقًا ولا يشكوا فيه"[1].
والحق أن أهل السنة لم يقولوا بالاستثناء في الإيمان، شكا منهم في إيمانهم؛ وإنما استثنوا مخافة تزكية النفس والهشادة لها، واحتياطًا؛ لأن الإيمان عند أهل السنة تدخل فيه الأعمال، والقطع بالإيمان يتضمن القطع بفعل جميع الطاعات وترك جميع المنهيات، وفي القطع بذلك تزكية للنفس والله عز وجل يقول: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [2].
وقد صرح أئمة أهل السنة بأن استثناءهم ليس على معنى الشك، وإنما هو لمعاني أخرى عن الاستثناء في الإيمان فقال: "نعم الاستثناء على غير معنى شك مخافة واحتياطًا للعمل، وقد استثنى ابن مسعود وغيره وهو مذهب الثوري وغيره، قال الله عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [3]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله" [4]، وقال في البقيع: "عليه نبعث إن شاء الله 5 " [6] وليس الاستثناء في شيء من ذلك على معنى الشك؛ فكذلك استثناؤهم في الإيمان[7]. [1] انظر: كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية العربية ص 268، "حققه د. عبد الله سلوم السامرائي"، ملحقًا بكتابه الغلو والفرق الغالبية. [2] سورة النجم آية 32. [3] سورة الفتح آية 27. [4] م: كتاب الصيام، باب صحة صوم من يطلع عليه الفجر وهو جنب، 2/ 781.
5 هذا بعض حديث؛ أوله: "إن الميت يصير إلى القبر" أخرجه جه: الزهد، باب ذكر القبر والبلى 2/ 1426، ح 4268. [6] انظر: السنة للخلال ص 659- 696. رسالة دكتوراه "بتحقيق عطية عتيق الزهراني". [7] للدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد دراسة موسعة في ذلك، تقدم بها لنيل درجة الدكتوراه بعنوان: الإيمان زيادته ونقصه والاستثناء فيه. وللدكتور أحمد بن عطية الغامي دراسة بعنوان: الإيمان بين السلف والمتكلمين، وهي أطروحته لنيل درجة الماجستير من جامعة أم القرى.