وهذا النص يبين لنا كيف كان قضاة المسلمين يصدرون أحكامهم العادلة فيما يعرض عليهم من قضايا في حرية تامة، لا تأخذهم في إقامة العدل لومة لائم، الأمير والحقير، والقوي والضعيف كل أمام القضاء سواء؛ لذا حكم شريح على أمير المؤمنين رضي الله عنه للنصراني بما رآه حقًا، وأمير المؤمنين رضي الله عنه يرضي بالحكم ويصدق شريحًا على صحة ما قضى به؛ لأنه حكم بمقتضى قواعد الشرع، فكان ذلك كله سببًا في إسلام النصراني واهتدائه، لما رأى من قيام هذه الأمة في رعاياها وأهل ذمتها بالعدل والقسط الذي هو من أحكام الأنبياء والمرسلين.