{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [1]، [2].
فانظر كيف حادوا عن حكم الله عز وجل وتلاعبوا بحدوده؛ فأقاموا الحد، والقصاص على الضعيف فيهم، وصرفوا عن ذي المكانة والقوة والمنعة والعجب لا ينقضي من تمالئهم على ذلك واتفاقهم عليه.
وهذا شاهد آخر على اختلال ميزان العدل عند يهود، ومبلغ ظلمهم وجورهم، وتعطيلهم الحدود الله عز وجل: أخرج الإمام البخاري رحمه الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: إن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلًا منهم وامرأة زينا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ " فقالوا: نفضحهم، ويجلدون. قال عبد الله بن سلام: كذبتم، إن فيها الرجم؛ فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم فيقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: أرفع يديك، فرفع يده؛ فإذا فيها آية الرجم، قالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم؛ فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما، فرأيت الرجل يحنى على المرأة يقيها الحجارة[3].
وفي رواية عند مسلم: "أن اليهود حمموا وجه الزاني وجلدوه ولما سألهم النبي صلى الله عليه وسلم: "أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم"، قالوا: نعم. فدعا رجلًا من علمائهم فقال: "أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ " قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك نجده الرجم؛ ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد. قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف [1] سورة المائدة: آية 50. [2] د: كتاب الديات، باب النفس بالنفس 4/ 634، ح 4494. [3] خ: كتاب الحدود، باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا للإمام 12/ 166، ح 6841.