واحد يكون لكم الغريب يكون كالوطني إني أن الرب إلهكم"[1].
وفي "سفر الخروج": "من ضرب إنسانًا فمات يقتل قتلًا"[2].
فقد دل إذن القرآن الكريم، وأسفار التوراة التي بقيت بأيديهم على وجوب العدل، عليهم والقصاص الحق عندهم، وتحريم الظلم والجور؛ فماذا فعل القوم؟ لقد حرفوا وبدلوا، وتلاعبوا بنصوص التوراة، ولم يقوموا فيما بينهم بالقسط والعدل. وفرقوا بين القوي والضعيف، والوضيع والشريف، ولم يساووا بين الناس في إقامة الحدود والقصاص، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم في حديث المخزومية التي سرقت فقطع يدها وغضب على من جاء يشفع فيها وقام فيهم خطيبًا قائلًا: "أيها الناس إنما ضل من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وغذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد"[3].
ومن الشواهد على هذا المسلك المشين ليهود ما أخرجه أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
"كان قرظية4 والنضير5، وكان النضير أشرف من قريظة؛ فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلًا من النضير قتل به، وإذا قتل رجل من النضير رجلًا من قريظة فودي بمائة وسق من تمر؛ فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجل من النضير رجلًا من قريظة فقالوا: ادفعوه لنا نقتله؛ فقالوا: بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه وسلم، فأتوه فنزلت: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [6]، والقسط: النفس بالنفس، ثم نزلت: [1] لاويين: إصحاح 24 فقرة 21- 22. [2] إصحاح 21، فقرة 12. [3] تقدم بتمامه مخرجًا انظر: 168.
4، 5 قريظة، والنضير: طائفتان من اليهود نزلنا أطراف المدينة. [6] سورة المائدة آية 42.