وبعد: فإن النصارى ما كانوا في عدائهم عدولًا، ولا رحماء بمخالفيهم، كما هو شأن الإسلامِ؛ فقد كانت أفعالهم بخصومهم تفرق كل وصف، ولولا ما نقله شهود العيان مما أنزلوه بغيرهم من الظلم والعدوان لما استطاع المرء أن يتصور أن تصدر هذه الأعمال الموغلة في الوحشية والشناعة، من قوم لا دين لهم؛ فضلًا عن قوم يدعون أنهم أتباع من قال لهم: "قد سمعتم أنه قيل: أحبب قريبك وأبغض عدوك؛ أما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم وأحسنوا إلى من يبغضكم وصلوا لأجل من ينتكم ويضطهدكم"[1]. [1] إنجيل متى، الإصحاح الخامس فقرة 43- 44.