يعكفون على أصنام لهم. مالت نفوسهم إلى الوثنية وطالبوا موسى عليه السلام أن يجعل لهم مثلها. يقول الله جل وعلا في ذلك: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [1]، ثم بين لهم موسى عليه السلام ضلال أولئك وبطلان عملهم، وأن الإله الحق هو الله الذي فضلهم على العالمين؛ فقال: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [2].
اتخاذهم العجل في زمن موسى:
لم يلق نصح موسى عليه السلام وتذكيره ووعظه من القوم قلبًا واعيًا وأذنًا صاغية؛ فما إن تركهم عليه السلام وذهب إلى ربه يناجيه، حتى اتخذوا العجل من بعده إلهًا من دون الله قال تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} [3]. {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} [4].
ثم بين تعالى من تولى كبر إضلالهم وصناعة العجل لهم؛ فقال: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} إلى قوله: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [5].
فبين تعالى أن الذي عمل لهم العجل هو السامري. ومن العجيب أن [1] سورة الأعراف آية 138. [2] سورة الأعراف آية 139-140. [3] سورة الأعراف آية 148. [4] سورة البقرة آية 51. [5] سورة طه الآيات من 85-88.