المبحث الثاني: وسطيتها واعتدالها في باب أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام
مدخل
...
المبحث الثاني: وسطيتها واعتدالها في باب أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام
لقد كان من أعظم نعم الله عز وجل على عباده أن بعث فيهم رسلًا منهم، يعرفون نسبهم وأخلاقهم، اختارهم من خيارهم واصطفاهم من أوسطهم مكانة ونسبًا. يدعون قومهم إلى خير ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، ويحذرونهم وينهونهم عن كل ما فيه هلاكهم وضررهم في دنياهم وأخراهم، يدعونهم إلى عبادة الله وحده واتباع أوامره واجتناب نواهيه ويحذرونهم من الشرك بالله ومعصيته، ومخالفة أوامره وارتكاب نواهيه. فما من أمة إلا خلا فيها نذير، وبعث إليها رسلا أو رسولا؛ وذلك رحمة من الله بعباده، ولئلا يقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير، يقول في ذلك تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ} [1]. ويقول عزل وجل: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا، وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا، رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [2].
فبين سبحانه أنه أرسل رسله إلى عباده مبشرين ومنذرين، مبشرين من أطاعهم بعظيم الأجر والمثوبة، ومنذرين من عصاهم بأليم العذاب والعقوبة؛ لئلا يحتج من كفر بالله وعبد الأنداد أو ضل عن سبيله بأن يقول إن أراد الله [1] سورة النحل آية 36. [2] سورة النساء آية 163- 165.