المبحث الثالث: في بيان قول أهل سواء السبيل وهم أهل السنة
أما أهل السنة والجماعة فإن من أصولهم التي يدينون بها: إثبات ما ورد في كتاب الله عز وجل، أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسماء الله وصفاته لا يفرقون بين أسماء الله وصفاته، ولا بين بعض صفاته وبعض؛ بل قولهم في الجمع واحد، لا ينفون ولا يؤولون شيئًا منها، ولا يكيفيون أو يشبهون شيئًا منها بصفات المخلوقين.
يقول الإمام ابن عبد البر في ذلك: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز؛ إلا أنهم لا يكيفون شيئًا من ذلك، ولا يجدون فيه صفة محصورة"[1].
ويقرر شيخ الإسلام ابن تيمية مذهب أهل السنة وقولهم في ذلك بما لا مزيد عليه فيقول: "ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف وتمثيل، يثبتون لله ما أثبته لنفسه من الصفات، وينفون عنه مماثلة المخلوقات، يثبتون له صفات الكمال، وينفون عنه ضروب الأمثال، ينزهون عن النقص والتعطيل، وعن التشبيه والتمثيل إثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رد على الممثلة، {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} رد على المعطلة"[2]. فمذهبهم إذًا بين التمثيل والتعطيل، دائر على الإثبات والتنزيه.
ولهم في ذلك منهج وسط، وقواعد مثلى عليها يدور مذهبهم، وقولهم في [1] انظر: التمهيد 7/ 145. [2] انظر: منهاج السنة 2/ 111.