واختلفوا في ترك الصلاة المفروضة عمدًا، فكفره بعضهم، ولم يكفره الآخرون"[1].
وبعد: فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة في أصحاب الكبائر من أهل القبلة كما دونها أئمتهم على ضوء نصوص الكتاب والسنة، قولهم في ذلك واحد لا يختلف فيه أحد، كلهم متفقون عليه كما صرح بذلك من نقل إجماعهم واتفاقهم عليه من الأئمة كما تقدم.
وهو قول يدل على عدل واعتدال وتوسط واتزان، كل جزئية منه يدل عليها آية من كتاب الله، أو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يدل لقولهم بإيمانه، وعدم زواله عنه وفسقه أو كفره، كما يقول المعتزلة والخوارج، كثير من الآيات والأحاديث المصرحة بإيمان العصاة مرتكبي الكبائر، كقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [2] فخاطب الجميع باسم الإيمان مع أن فيهم من قد وجب عليه القصاص؛ لارتكابه كبيرة القتل، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} .
وأثبت الأخوة بين القاتل وبين ولي الدم، فقال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} ، ولا شك في أن المراد بالأخوة الإخوة الإيمانية المذكورة في قوله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} فدل ذلك على بقاء الإيمان مع كبيرة القتل.
قال الإمام ابن الجوزي في الآية: "ودل قوله: {مِنْ أَخِيهِ} على أن القائل لم يخرج عن الإسلام"[3]. [1] انظر: شرح السنة 1/ 103. [2] سورة البقرة آية 178. [3] انظر: زاد المسير في علم التفسير 1/ 163، "بتحقيق محمد بن عبد الرحمن عبد الله، ط. الأولى 1407، نشر: دار الفكر -بيروت".