وكقوله عز وجل: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [1]، فسمي الجميع مؤمنين، مع الاقتتال، وجعل الجميع إخوة؛ فدل ذلك على أن الكبيرة لا تخرج صاحبها من الإيمان، وقد استدل الإمام البخاري بهذه الآية فقال: "باب {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} قال: فسماهم المؤمنين"[2]؛ أي: مع اقتتالهما.
ثم إن نصوص الكتاب والسنة، والإجماع تدل على أن الزاني، والسارق والقاذف لا يقتل؛ بل يقام عليه الحد، فدل على أنه ليس بمرتد[3] بارتكاب هذه الكبائر ولو كان كذلك لقتل.
أما قولهم بأنه إذا مات من غير توبة؛ فهو داخل تحت مشيئة الله؛ إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.
فيشهد له قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [4] فجوز أن يغفر كل ذنب سوى الشرك بالله بما في ذلك الكبائر.
ويدل عليه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب في الدنيا فهو [1] سورة الحجرات: آية 9، 10. [2] انظر: صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الإيمان 1/ 84. [3] انظر: شرح الطحاوية ص36. [4] سورة النساء آية 48 وآية 116.